قصة نجاح ...مركز النخلة للصناعات الحرفية (1)
01/02/2010م - 10:29 ص | مرات القراءة: 513
قصة نجاح
حسين الملاك و محمود فتحي عز الدين
مدخل:
الإنسان
ابن بيئته والحاجة أم الاختراع من هنا يسعى الإنسان لتلبية حوائجه مستفيدا
من مواد البيئة الخام التي تتواجد عنده وكلما كان الإنسان مبدعا وكانت
البيئة معطاءة كلما تنوعت الصناعات الحرفية.
ومنذ
فجر التاريخ و الأحساء بؤرة من بؤر الاستيطان لما حظيت به من مقومات العيش
والاستقرار فكان أن صقل الإنسان مواهبه وتناقل تجاربه وكانت البيئة سخية
بحيث لم يحتاج إنسانها إلى سواها فوظف موادها الخام لعيش هنيء ومريح.
وتخصص
المبدعون كل حسب مواهبه وميوله وإبداعه وتنوعت الصناعات لتشكل حرف يتخصص
فيها العاملون يتعلمون سر المهنة ويأخذون بتعاليمها مضيفين لها من
إبداعاتهم من بعد إتقانها تاركين بصماتهم في تطويرها بما يتفق مع الزمن
وتطوراته.
وكان
لطفرة النفط وما أحدثته من تسونامي التحديث والتنمية الأثر البارز في
رفاهية الإنسان وتراجع الحرف حيث أن الصناع والحرفيين تركوا الحرف بحثا عن
رفاهية العيش والمكسب السريع.
فظهر
الشح في الحرفيين والتدهور في الحرف من هنا ظهرت الحاجة إلى إنشاء مراكز
للصناعات الحرفية تقوم على تدريب وتأهيل مجموعة من العاشقين لهذه الحرف
والراغبين بتعلمها وإتقانها.
ومن
هنا انبرى عاشق التراث المهندس عبد الله الشايب لتبني هذه الفكرة والترويج
لها عبر المؤتمرات والندوات وأخيرا بإنشاء مركز النخلة للصناعات الحرفية.
الصناعات الحرفية:
جذور الفكرة:
كل
من عاش قبل زمن الطفرة أدرك إبداع الإنسان في استغلال موارد الطبيعة بما
يلبي حاجياته ويؤمن له شيئا من الرفاهية والاستمتاع وكان الحرفيون يجدون في
هذه الحرف دخلا للأسرة وسبيل للمشاركة في الخدمة الاجتماعية المتبادلة
فكانت الأسر تتخصص في حرفة ما ويتم تناقل الخبرة من شخص إلى أخر كما يتم
التطوير عن طريق الإبداع الشخصي خصوصا مع تشرب الخبرة ودخول بعض التحسينات
على المواد الخام أو الأفكار المستخدمة أو الآليات لتحسين المنتج ومع
الطفرة الاقتصادية تم تغيير الكثير من المفاهيم فاستبدلت كثير من الصناعات
المحلية بالصناعات المستوردة مما أربك الجدوى الاقتصادية للصناعات الحرفية
المحلية كذلك سعت الأسر إلى توجيه أبنائها إما إلى التعليم بحثا عن مستقبل مشرق لهم أو
إلى الوظائف المستحدثة والتي تدر بالخير الوفير مع ضمان للدخل فنصرف
الكثير عن الحرف التقليدية وبدا الضعف على المنتجات بسبب عدم الاهتمام
بالمنتج بالتطوير والتحديث فاندثرت بعض الحرف وأخذ البعض يعيش على الهامش
من هنا بدت فكرة إنشاء مراكز للصناعات الحرفية ضرورة ملحة لإنعاش هذه الحرف
وتطويرها ودعم أصحابها من أجل حياة كريمة خصوصا وهذه الحرف تشكل شيء من
هوية المكان وتاريخ الوطن فانبرى المهندس عبد الله الشايب في دراسة الفكرة
وبلورتها ووضع الدراسات ومناقشتها من اجل إنجاح هذه الفكرة وتعميمها.
وقد
ساعده على ذلك معرفته المبكرة بطرق الصناعات الحرفية وأدبياتها والمواد
المستخدمة في كل حرفة والكتابة عنها ونشرها وتوثيق ذلك بالصور المعبرة عن
حيثيات الممارسة كذلك ساهم حضوره المبكر للعديد من المؤتمرات المتخصصة بهذا
الشأن والمشاركة فيها بأبحاث علمية لرفع درجة الوعي بأهمية الصناعات
الحرفية وضرورة تدريب أجيال جديدة للمحافظة عليها كما ساهمت زياراته
المتنوعة لمواطن الصناعات الحرفية في العديد من الدول والتعرف على تلك
الصناعات وكيفية الاستفادة من تجاربهم في تنمية الصناعات الحرفية وتطويرها
وتحقيق الغايات المنشودة ومن تلك الدول مصر ولبنان وتركيا وإيران والفلبين
والبحرين والأمارات.
وقد عمل المهندس ضمن الهيئة الاستشارية في الإستراتيجية الوطنية للصناعات الحرفية مع أنشاء الهيئة العليا للسياحة .
كما
أنه سعى بجد إلى إيجاد جهة تعنى بالتراخيص لمراكز التدريب الحرفية حتى
توصل إلى توافق مع التدريب الأهلي حيث أوصلهم إلى قناعة لضرورة مثل هذه
المراكز.
وقد ساهمت علاقاته القديمة مع الحرفيين الشعبيين في الاستفادة من خبراتهم في تدريب المتدربين الجدد وتعليمهم أصول الحرفة وأسرارها.
كما أنه أسس ولأول مرة للمناهج التدريبية على الصناعات الحرفية حيث وضع آلية لوضع المناهج ضمن التدريب للاستفادة منها وتعميمها.
وقد
وفق المهندس عبد الله الشايب في اختيار المسمى للمركز فالنخلة رمز حضاري
عريق في وطننا الغالي وهناك الكثير من الصناعات الحرفية التي تعتمد على
النخلة ومن هذه الصناعات:
1-صناعة السموط ومنها مقفى الرطب والمنز والسجم.
2-الصناعات الخوصية مثل السفرة والحصير والسلال والمحصن.
3- صناعة قطع الجذوع ونجارتها.
4- صناعة الجص.
5- صناعة الليفيات مثل الحبال والمخاد والخرج والكر.
6- صناعة المهباش.
7-صناعة الأطعمة المعتمدة على التمر ومنها السفسيف والكليجة والدبس والمعمول والفتيت.
مركز النخلة من الفكرة إلى التطبيق :
يعد
المهندس عبد الله الشايب أحد الرموز الوطنية التي اشتغلت على التاريخ
والتراث وقد ساهمت الهواية الخبرة والاختصاص في بلورة هذه الفكرة وإعطائها
حقها في الدراسة والمعالجة ابتدأ بتدشين الفكرة على أرض الواقع فتقدم بطلب
ترخيص من المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب الفني للحصول على مركز
مهني في مجال الصناعات الحرفية بمسمى " مركز النخلة للصناعات الحرفية"
وقد شهدت هذه العملية الكثير من الصعوبات والعقبات والعوائق كان احد
أسبابها عدم الدراية بالجهة التي تخضع لها الصناعات الحرفية وفي شهر جمادى
أولى 1424هـ تم الحصول على الترخيص وبذلك يكون مركز النخلة أول مركز مهني
يتم الترخيص له من المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني للصناعات
الحرفية ونواة للمراكز التدريبية القادمة.
ويعد
المركز مساهمة حقيقية من القطاع الخاص في مجال تدريب الحرفيين ورفع
كفاءتهم لتطوير المنتجات الحرفية وزيادة عدد الحرفيين ومبادرة من القطاع
الخاص في تأسيس المراكز التأهيلية لتدريب الحرفيين السعوديين من ذكور وإناث
وصقل مواهبهم الإبداعية ونشر ثقافة الاقتناء والاعتناء بالصناعات الحرفية.
وفي
عام 1426هـ ابتدأ العمل الفعلي و قد كانت البداية بتدشين أول دوراته
الحرفية في مجال الخط العربي بدورة تطويرية في الخط العربي( خط النسخ ) و
عقدت بقرية الجبيل بالأحساء و ضمت 18 متدرباً و شهدت الدورة إقبالاً طيباً من الشباب بينت الحاجة
إلي المزيد من هذه الدورات و تولى التدريب الأستاذ حسين عبد المحسن الشايب
و الأستاذ كاسب حسين البن علي , وكانت مدة الدورة ثلاثة أسابيع بواقع
إجمالي عشرون ساعة تدريبية تلقى خلالها المتدربين القواعد الأساسية لخط
النسخ و أستخدم قلم البوص و ما إلي ذلك و التعرف على إمكانات الخط الفنية.
توالت
الدورات التدريبية وتم تنفيذ سلسلة متواصلة من التدريب في مجال فنون الخط
العربي و أقيمت خمسة دورات متخصصة في هذا المجال بإشراف الأستاذ عباس بو
مجداد.
أهداف المركز:
وضع
مركز النخلة مجموعة من الأهداف تخدم إستراتيجيته الشمولية المتعددة
الجوانب منها التاريخي والاقتصادي والاجتماعي والسياحي ومن هذه الأهداف
التالي:
1- التعريف بالصناعات الحرفية ومدى أهميتها الحضارية والتاريخية وذلك بإقامة المحاضرات والندوات والدورات وطباعة الكتب والمشاركة في المعارض.
2- المحافظة على بقاء الصناعات الحرفية ماثلة حية عن طريق توفير المواد الخام والأدوات المستخدمة والأيادي المدربة.
3-
تطوير الصناعات الحرفية بحيث يكون المنتج الحرفي قابل للتسويق التجاري
والسياحي وذلك بإدخال بعض التعديلات عليه من ناحية الفكرة أو الأسلوب كذلك
استخدام أدوات حديثة تسمح بتوفير كمية تسويقية عالية الجودة.
4- التدريب المستمر لتطوير الأيادي العاملة واطلاعها على الجديد من الأفكار والأساليب.
5-
التقليل من البطالة عن طريق التعليم على رأس العمل للحرف اليدوية والتي
تمتاز بقلة التكاليف لبساطة الأدوات وتوفر المواد الخام بالإضافة إلى أنها
لا تحتاج إلى تعليم متقدم.
6- التنسيق مع الجهات الحكومية والخاصة لتوحيد الجهود المتعلقة بالصناعات الحرفية.
7- البحث عن جهات داعمة لتدريب الشباب.
8- المشاركة في الترويج السياحي.
9- تعليم الشباب المهارات الحرفية وخصوصا في فترة الإجازات وما يصحبها من فراغ وتفرغ.
10- وضع مناهج تعليمية للصناعات الحرفية يشترك فيها النظري بالعملي.
11- المساهمة في تسويق المنتج الحرفي محليا وخارجيا.
12- توفير الخدمات الممكنة للحرفين.
13-والتنسيق مع الجهات الحكومية من اجل رفع كفاءة الصناعات الحرفية في الوطن.
معوقات مركز النخلة للصناعات الحرفية:
واجه
مركز النخلة الكثير من المعوقات منذ تدشين الفكرة إلى الآن وهو يسعى جاهدا
لتذليل تلك المعوقات والبحث عن حلول وخطط بديلة من اجل النهوض وتحقيق كل
الأهداف المتوخاة منه ومن هذه المعوقات:
1- صعوبة أخذ التصريح للمركز وذلك لعدم الدراية بالجهة التي يخضع لها مراكز الصناعات الحرفية خصوصا وان مركز النخلة هو باكورتها.
2-
ضعف الدعم المالي للمركز خصوصا وان المركز يقوم بالدورات بأسعار رمزية غير
ربحية من اجل الترويج للصناعات الحرفية والحث على تعلمها.
3- ندرة المدربين ذوي الخبرة العالية خصوصا وبعض الحرفيين لا يقبل بالتعاون مع المركز.
4- غياب المناهج التعليمية المتخصصة خصوصا والصناعات الحرفية كانت تعتمد على التعليم على رأس العمل.
5- قلة التراخيص للصناعات الحرفية فإلى الآن لا يوجد إلا مركز النخلة على مستوى المملكة.
6- تشتت الجهود المتبلورة في التراث وعدم تكاتفها مع المركز.
http://www.almashhad.net/index.php?show=news&action=article&id=19168
يتبع
عدل سابقا من قبل تمريّون في الخميس أكتوبر 04, 2012 5:04 pm عدل 2 مرات